حرية  –  مصداقية  –  موضوعية 

أخبار الساعة 

علمت مصادر خاصة ان وزير الاعلام زياد المكاري بعد سلسلة وعود لموظفي تلفزيون لبنان بقبض مستحقاتهم يعمد الان الى اعتماد القطيعة مع نقابة الموظفين خصوصا انه جمع المدراء في التلفزيون وطلب منهم الضغط على النقابة لعدم المضي بالاضراب كوسيلة ضغط على الموظف وقد عمد مكاري الى استخدام لغة الابتزاز عبر وقف معاشات الموظفين التي هي اصلا معدومة .

مقتل قيادي من جند الشام في عين الحلوة؟

أفادت معلومات صحفية، ب “مقتل قيادي كبير من (جند الشام) خلال الاشتباكات التي تدور الآن في مخيم عين الحلوة”.

فيما لم تؤكّد معلومات رسمية أو تنفي صحة الخبر لغاية الآن.


الاشتباكات عين الحلوة تستعر واستهداف الصحافيين


وعصرا، سُجل تحليق لطائرتين تابعتين للجيش تحلّقان على علو منخفض فوق مخيم عين الحلو.

وكانت صباحا، تسمع أصوات القذائف ببن الحين والاخر في مخيم عين الحلوة مترافقة من اطلاق الرصاص في وقت تراجعت فيه حدة الاشتباكات التي اشتدت منتصف الليل وحتى صباح اليوم على محور البركسات حي الطوارىء وقد ارتفع عدد القتلى  صباحا الى 10 بعد وفاة احد الجرحى وسقوط أكثر من 45 جريحا.

الى ذلك تشهد مدينة صيدا حركة خجولة وسط اقفال كبير لمختلف القطاعات والادارات الرسميه وسراي صيدا والمؤسسات والتربويه فيها بسبب  القذائف التي طاولتها بالأمس والرصاص الطائش الذي اصاب العديد من احيائها  ليلا تسبب باضرار في ألواح الطاقة الشمسية وزجاج المنازل والمكاتب في المنقطقة الواقعة قرب سراي صيدا الحكومي والجامعة اللبنانية.كنا تضررت المدرسة العمانيه المحيطة بمخيم عين الحلوة.

وأشارت “الميادين” الى  وقوع اشتباكات متقطعة في محور حي البركسات – حي الطوارئ في مخيم عين الحلوة. وأكدت ان أكثر من 60% من أهالي مخيم عين الحلوة نزحوا نتيجة الاشتباكات باتجاه مدينة صيدا.

هيئة العمل الفلسطيني تدعو لوقف إطلاق النار: في سياق متصل، عقدت هيئة العمل الفلسطيني المشترك في لبنان اجتماعاً طارئاً لمتابعة الأحداث الأمنية المؤسفة في مخيم عين الحلوة إثر عملية الاغتيال الإجرامية التي استهدفت اللواء ابو اشرف العرموشي قائد قوات الامن الوطني الفلسطيني في صيدا وعدد من اخوانه، بحضور سفير دولة فلسطين في لبنان اشرف دبور.

ودانت هيئة العمل الفلسطيني المشترك في لبنان عما حصل ورفعت “الغطاء عن مرتكبي عملية الاغتيال الاجرامية الجبان التي تعرض لها اللواء ابو اشرف العرموشي قائد قوات الامن الوطني الفلسطيني في صيدا واخوانه وكذلك جريمة قتل عبد الرحمن فرهود”، ووضعت هيئة العمل “هذا الفعل الاجرامي في دائرة الاجندات التي تخدم الاحتلال الصهيوني المتربص بشعبنا وقضيته وتعتبر هذا العمل المشبوه استهدافاً للكل الفلسطيني”.

ثم دعت هيئة العمل إلى “تثبيت وقف اطلاق النار وسحب المسلحين من الشوارع فوراً والعمل على توفير المناخ الامن لعودة كل العائلات التي نزحت من المخيم، وبناء عليه شكلت هيئة العمل لجنة ميدانية لتنفيذ ذلك”.

واتفقت على “تكليف لجنة التحقيق المعينة والمشكلة من هيئة العمل الفلسطيني المشترك المباشرة الفورية بعملها للكشف عن المتورطين في ارتكاب الجريمة التي حصلت لتقديمهم للجهات القضائية والامنية اللبنانية وانجاز مهمتها باسرع وقت ممكن ورفع تقريرها لهيئة العمل الفلسطيني المشترك”.

وثمّنت هيئة العمل وشكرت “كل الجهود التي بذلت وما زالت تبذل من القوى والاحزاب والشخصيات السياسية والامنية والعسكرية والدينية والاجتماعية اللبنانية من اجل تثبيت وقف اطلاق النار في مخيم عين الحلوة”.



“الصناديق”… والمقايضة على “الجمهوريّة”

إستبق رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل إعلان المبعوث الفرنسي جان إيف لودريان، جدول الأعمال المرتقب التباحث فيه بمعيّة «الخماسيّة الدولية» في أيلول، بطرح أولويات «التيار» على طاولة المقايضة مع «حزب الله».

فبعد تقاطع «التيار» مع أطياف المعارضة على إسقاط «البراغماتية» الفرنسيّة المتماهية مع ترئيس الثنائي الشيعي رئيس «المردة» سليمان فرنجية مقابل ضمان مشاركةٍ فعالةٍ لقوى المعارضة في السلطة التنفيذيّة، كشف باسيل عبر سلسلة مواقف أطلقها قبل أيام، أنّ الحوار المستجد مع «حزب الله» من شأنه أن يؤدي إلى «التضحية» والتنازل عن اسم رئيس الجمهورية مقابل أثمان يسدّدها الفريق الآخر لن «تكون أقل من لامركزية موسّعة مدفوعة سلفاً بإقرارها بقانون، وصندوق ائتماني مدفوع سلفاً بإقراره بقانون، وبرنامج بناء الدولة».

وإذ استغربت أوساط متابعة أن يعمد باسيل من جديد إلى تقديم نفسه صانع الرؤساء والمؤتمن على مستقبل لبنان وثرواته، تساءلت ما إذا كانت أولويات «التيار» الإمعان في تعطيل الإستحقاقات بهذه الطروحات العشوائية، بعدما أنجز المجلس النيابي درس ما يزيد على 85 في المئة من قانون اللامركزية الإداريّة، الذي يتطلب إحالته على الهيئة العامة للمجلس من أجل إقراره… في حين أن غالبيّة قوى المعارضة تعتبر أنّ المجلس هيئة ناخبة، وترفض المشاركة في الجلسات التشريعيّة قبل انتخاب رئيس الجمهورية. وذلك قبل أن يطالب باسيل من جديد، بإنشاء صندوق إئتماني من أجل «تحقيق الإنماء الوطني المتوازن»، باعتبار أنّ اللامركزية كفيلة بتحقيق «الإنماء المناطقي المتوازن»، وفق التصريحات الأخيرة لرئيس «التيار».

ورغم وجود أكثر من إقتراح قانون مرتبط بإدارة أصول الدولة والبحث في كيفيّة الإستفادة منها والحدّ من تداعيات الأزمة الماليّة غير المسبوقة التي يمرّ فيها لبنان، وهذا ما ينطبق على اقتراح القانون المقدم من تكتل «الجمهورية القوية» والمرتبط بـ»إنشاء مؤسسة مستقلة لإدارة أصول الدولة»، أدخل رئيس «التيار» الصندوق الإئتماني في صلب المداولات الرئاسيّة مع «حزب الله»، ومن خارج الأطر الدستورية؛ والتي يمكن الولوج إليها عبر تقديم إقتراح قانون يتضمّن حيثيات استحداث هذا الصندوق ومصادر تمويله وإدارته تمهيداً لدرسه في اللجان النيابية وإحالته على الهيئة العامة لمجلس النواب.

ووسط المحاذير الكبيرة المترافقة مع غياب الحوكمة الرشيدة لعمل الصناديق في لبنان، كشف النائب سيمون أبي رميا لـ»نداء الوطن» أنّ «الصندوق الإئتماني لا يزال فكرة كغالبية الأفكار المرتبطة بإدارة أصول الدولة أو الإستفادة منها، وأن هذا الطرح أتى من وحي الأزمة الإقتصادية ويهدف إلى حماية مقتنيات الدولة والمساهمة في النهوض الإقتصادي. كما أنه يختلف بطبيعة الحال عن «الصندوق السيادي» المرتبط حصراً بعائدات النفط والغاز، الذي تعمد لجنة المال والموازنة إلى درسه».

ولفت إلى انكباب جهاز كبير من أصحاب الإختصاص داخل «التيار»، إلى جانب إستشاريين إستعين بهم من الخارج على بلورة التصوّر العملاني للصندوق الإئتماني. وشدد على أنّ أهمية هذا الطرح تكمن في تأمين التوافق المطلوب مع الآخرين على مبدأ صندوق إدارة أصول الدولة وأهميته، على أن تعرض التفاصيل في مرحلة لاحقة.

ورغم اعتباره أنّ هذا الطرح لا يزال في بدايته بالنسبة إلى «التيار»، لفت أبي رميا إلى أنّ رئاسة الجمهورية هي الجهة الوحيدة المخوّلة الوصاية على الصندوق الإئتماني على غرار اقتراح «التيار» المرتبط بالصندوق السيادي، وذلك وسط تأكيده أنّ ما يخوّل الرئيس الوصاية على إدارة أصول الدولة ومستقبل ثرواته، يعود إلى كون رئيس الجمهورية هو الرئيس الوحيد الذي يقسم على الدستور، قبل أن يختم أبي رميا تاركاً الباب أمام الشركاء في الوطن من أجل تقديم تصور آخر إن وجد وإقناعهم به.

ورغم الإيجابية التي تسود المداولات داخل اللجان النيابية، إلا أنّ الإمتحان الأساسي يكمن في بتّ سلطة الوصاية الصندوق السيادي، أسوة بغيره من الصناديق التي تطرح.

وبعد الإلتباس الذي تركه طرح النائب باسيل، بين الصندوق الإئتماني الكفيل بإدارة أملاك الدولة وأصولها ومرافقها العامة، والقطاعات المنتجة، وبين الصندوق السيادي الذي خرج أمس من لجنة المال والموازنة، والمخصص حصراً لإحتواء العائدات الماليّة المتأتيّة من إستثمار الثروة البتروليّة، فقد كشف النائب ياسين ياسين لـ»نداء الوطن» أنّ بتّ مرجعيّة أو سلطة الوصاية على الصندوق السيادي أخذ حيزاً كبيراً من النقاش وسط مطالبة تكتل «لبنان القوي» بربط الوصاية على الصندوق برئاسة الجمهورية، ومطالبة كتلة «التنمية والتحرير» بربطها بوزارة الماليّة، في حين تطرح كتلتا «اللقاء الديمقراطي» و»الجمهورية القوية» إنشاء نظام مركب يوائم بين الطرحين.

وإن كان باكراً البحث في دقائق توزيع او إدارة عائدات الصندوق قبل إكتشاف حجمها، توقف ياسين عند حتمية العودة إلى الحكومة من أجل تعيين مجلس إدارة الصندوق، مشدداً على أنّ المشكلة الفعلية للمداولات النيابية تكمن في تحديد الإنتماء الطائفي لرئيس الصندوق. وهذا ما دفعه إلى التحذير من العودة إلى التحديات الطائفية التي تحول إلى الآن دون تشكيل الهيئة الناظمة لكهرباء لبنان. وشدد على أنّ القرار النهائي يعود إلى الهيئة العامة لمجلس النواب.

في سياق متصل، برز تخوّف جدّي من إمكانية أن تعمد السلطة السياسية إلى إعادة تعويم نفسها عبر تسخير هذه الصناديق وعائداتها لتحقيق مآربها الخاصة على حساب مستقبل الأجيال القادمة من الثروة النفطية المرجوة، وذلك على غرار تبديد أموال اللبنانيين، بل سرقتها تحت أعين سلطة تشريعية تتغاضى عن إقرار القوانين الإصلاحية، من بينها «الكابيتال كونترول» قبل إئتمانها على إقرار الإصلاحات المرتبطة بمستقبل لبنان وأبنائه.


أبرز العناوين 

لماذا قرّر باسيل مفاوضة «الحزب»؟

لم يقلق «حزب الله» يوماً من جانب جبران باسيل. وأدرك دائماً أنّ «الخلاف» معه قابل للاستيعاب، حتى عندما «تقاطَع» مع قوى المعارضة على «مرشح مشترك» لرئاسة الجمهورية. وفعلاً، دبّت الحرارة من جديد في شرايين العلاقة بين الحليفين القديمين. ويعتقد البعض أنّهما ربما مُقبلان على إحياء نوع من التفاهم.

حتى اللحظة الأخيرة من ولاية الرئيس ميشال عون، كان باسيل يعتبر نفسه الماروني المدلّل، الذي لا يمكن لأحد أن يكون بديلاً منه لدى «حزب الله».

كان منطق باسيل بسيطاً ومقنعاً، وهو الآتي: «التيار» هو المكوّن السياسي الأوسع لدى المسيحيين. ولو نافسته «القوات اللبنانية»، فهي تبقى خصماً سياسياً دائماً لـ«الحزب». لذلك، سيبقى «حزب الله» ملزماً باعتماد «التيار» شريكاً مسيحياً. وهذا يعني تلقائياً أنّه، أي باسيل، والعماد ميشال عون سيظلان دائماً في الموقع المميز لديه. وكما رجّح «الحزب» كفة عون على سليمان فرنجية في معركة انتخابات 2014-2016، فإنّه سيفعل ذلك اليوم أيضاً.

وكان في تقدير باسيل أن لا مصلحة لـ«حزب الله» في أن يأتي بفرنجية رئيساً للجمهورية، إذا كان ذلك سيتسبّب بإثارة إشكال سياسي مع «التيار الوطني الحر»، يستمر على مدى 6 سنوات، خصوصاً أنّ علاقات «الحزب» بكل القوى المسيحية الأخرى متوترة.

تبين أنّ منطق باسيل ليس صائباً لأنّ «حزب الله»، عندما طلب من فرنجية الانسحاب من المعركة لمصلحة عون في العام 2016، تعهّد له بأن يكون هو التالي في بعبدا. ويعتبر «الحزب» أنّ على عون وباسيل أن يتفهما دقّة هذا التعهّد، ويعرفا في المقابل أنّ هناك متسعاً من الوقت أمام باسيل ليصل إلى بعبدا. وأنّ في إمكانه أن ينتظر كما انتظر فرنجية 6 سنوات. كذلك، تبين أنّ رهان «التيار» على أنّه الشريك المسيحي الذي لا يمكن استبداله ليس في محله تماماً. فـ«الحزب» تمسّك بفرنجية على رغم كل شيء.

وبعث باسيل برسالة تحدٍّ إلى «الحزب» ورفع سقف المواجهة، عندما توافق مع قوى المعارضة على دعم «مرشح مشترك» هو جهاد أزعور. ولكن ظهرت له استحالة فوز هذا المرشح بالمقعد، ولو أنّه تفوّق على خصمه فرنجية بالأصوات. كما استنتج باسيل أن لا فرصة متاحة أمامه شخصياً للفوز بالرئاسة، وحتى إشعار آخر، خصوصاً أنّه لن يحظى بدعم قوى المعارضة في أي حال. وتبيّن لباسيل أنّ أفضل ما يمكن تحقيقه في هذه المعركة هو التوافق على مرشح ثالث.

لذلك، بعد جلسة «الانتخاب» الأخيرة، قرّر باسيل إنزال «زِنْدِه» عن الطاولة، ووقف «الكباش» الحاصل بينه وبين «الحزب»، وفكّر في استخدام الطاولة للنقاش والمساومة بدل المنازلة، لعلّ النتيجة تكون أفضل.

الأرجح أنّ اللحظة التي قرّر فيها باسيل مساومة «الحزب» بدلاً من مواجهته كانت الإشارة إلى أنّ الرجل أدرك استحالة أن يكون رئيساً في الظرف الحالي، وارتأى الانتقال إلى مرحلة جديدة هي المقايضة مع «الحزب».

يمتلك باسيل رصيداً له وللرئيس عون، ويمكن استخدامه مقابل السير في الطرح الذي يتقدّم به «الحزب». وفي الواقع، باسيل بات اليوم الأقدر على ترجيح الغالبية في المجلس النيابي لانتخاب رئيس للجمهورية، إضافة إلى تأمين التغطية الميثاقية من الجانب المسيحي، وهذه ورقة ثمينة جداً.

ويمكن أن يتقاضى باسيل أثماناً سياسية وغير سياسية في مقابل التوافق مع «الحزب». فالمرحلة المقبلة يُفترض أن تكون دسمة على مستويات كثيرة، خصوصاً في قطاع الطاقة والتنقيب عن الغاز واستخراجه. وثمة حكاية غرام طويلة بين باسيل وقطاع الطاقة امتدت على مدى عهد عون، وقلائل يدركون أسرارها.

والمثير هو أنّ باسيل طرح عناوين «وطنية» مقابل الموافقة على المرشح الذي يدعمه «الحزب»: اللامركزية الإدارية والمالية، الصندوق الائتماني وبناء الدولة. وبديهي أن يبدي «حزب الله» استعداده للنقاش فيها. لكن هذه العناوين ستبقى في الواجهة وكأنّها هي العُقد الواجب حلّها لإنجاز الصفقة الجديدة بين قطبي «التفاهم»، فيما المشكلة الحقيقية تكمن في الحصّة التي يريد باسيل أن يحصّلها خلال العهد المقبل، وربما في ضمانات «ما بعد» هذا العهد.

البعض يعتقد أنّ أمام باسيل و«حزب الله» متسعاً من الوقت، خلال آب الجاري، لكي يتوصلا إلى توافق. وإذا حصل ذلك، فسيتبلور بالتزامن مع عودة الوسيط الفرنسي جان إيف لودريان في أيلول. وحينذاك، ربما تكون التغطية المسيحية قد توافرت لجلسات الحوار التي ترغب باريس في رعايتها في قصر الصنوبر.

إذا عاد باسيل إلى الأحضان، كما كان، فستجد المعارضة نفسها ضعيفة في المواجهات المقبلة. فموقع باسيل حساس في توازن اللعبة الداخلية. وسيتاح لـ«حزب الله» أن يكون أقدر على حسم اتجاهات اللعبة والتحكّم بنتائجها.



حروب المخيمات: ضرب “فتح” والأمن اللبناني.. وتأزيم ملف اللاجئين

أسئلة كثيرة لا تزال تطرح حول خلفيات ما جرى في مخيم عين الحلوة. تلك الأسئلة يطرحها أي لبناني، كما كل الديبلوماسيين والجهات المعنية والمراقبة أو المتابعة للملف اللبناني. تجمع الآراء على أن لا شيء يحصل بالصدفة، وأن ما جرى يتجاوز الإشكالات الفردية أو الانقسامات الداخلية، خصوصاً أن التوصل إلى وقف إطلاق النار لأكثر من مرة، وفق ما جرى الإعلان عنه، لم يلتزم به أحد. وهو ما يدفع المتابعين إلى الإكثار من الأسئلة، إذا كان هناك جهات تستثمر وتسعى لتحريك بعض الفصائل لإبقاء الوضع في حالة اشتعال.

ضرب “فتح”
يبقى السؤال الأساسي متركّزاً حول خلفية هذه الاشتباكات، وما هو المراد تحقيقه أو فرضه كأمر واقع سياسي ما سيكون له انعكاسات متعددة الأبعاد داخل المخيمات وخارجها. من حيث الشكل مجدداً، بلا شك أن حركة فتح أصيبت بضربة قاصمة حتى الآن من خلال استهداف قائد الأمن الوطني الفلسطيني، من دون قدرتها على تحقيق أي “تقدم عسكري” يذكر، على الرغم من عدم الإلتزام من قبل أطراف متعددة بوقف إطلاق النار. تمثل هذه الضربة تكملة لضربة أخرى، وهي تتمثل بعودة عدد من المطلوبين لها وللدولة اللبنانيين، إلى داخل المخيم، لا سيما أن هؤلاء من الذين قاموا بعمليات أمنية وعسكرية، ونفذوا اغتيالات بحق كوادر من فتح، التي لم تنجح في الاستمرار بإبعادهم من المخيم، إنما عادوا إليه. ما سيضعف سلطتها. ومن بين هذه المجموعات استئناف مجموعة بلال بدر نشاطها الأمني والعسكري، وانخراطها في الاشتباكات الدائرة منذ أربعة أيام في المخيم.

لم يقتصر الاستنفار على مخيم عين الحلوة وحده، إنما يطال غالبية المخيمات، وسط مخاوف متجددة من إشعال أي فتائل للفتنة داخل هذه المخيمات، والتي تتداخل في صراعاتها وخلافاتها أسباب وغايات وأهداف متعددة، بعضها فلسطيني فلسطيني، وبعضها الآخر ما يتصل بالقوى اللبنانية أو بقوى خارجية. هناك من يبدي تخوفه من أن تكون أياد خارجية متعددة تعبث بأمن المخيمات. وهو ما يتقاطع في المقابل مع مساع لفصائل أخرى مدعومة من قوى داخلية أو خارجية لبسط السيطرة بشكل أوسع على هذه المخيمات، مقابل تقويض حركة فتح ومنظمة التحرير الفلسطينية.

ضرب الأمن اللبناني
جزء من هذا التوتر والصراعات المفتوحة، والتي تؤدي إلى إشكالات أو اشتباكات بين فترة وأخرى تنعكس سلباً على الواقع اللبناني، لا يمكن فصلها عن مسارات لبنانية متعددة. بعضها يدعو إلى الانعزال والانغلاق أكثر، سواء بتركيز وتفعيل الحملة على اللاجئين الفلسطينيين والسوريين، أو في محاولات إحراج الجيش اللبناني أيضاً، من خلال الضغوط والمطالبات التي توجه إليه للدخول وحسم المسألة. خصوصاً أن بعض هؤلاء يعتبرون أن الجيش نجح سريعاً في تفادي أي فتنة أو أزمة يمكن أن تتفاقم من جراء التوتر الذي حصل بين بشري والضنية، على خلفية حادث القرنة السوداء. وهم يطالبونه بالمثل في مخيم عين الحلوة، أو غيره من المخيمات، تحت عنوان أنه لا يمكن أن تكون المخيمات جزراً منعزلة عن لبنان وغير خاضعة لسلطة الدولة اللبنانية. علماً أن الموقف الرسمي الفلسطيني، والذي يتمثل بما أعلنه الرئيس محمود عباس وغالبية الفصائل، يؤكدون على التزام الأمن اللبناني ومنع تحويل المخيمات إلى مقر أو مستقر لضرب الاستقرار في لبنان. فيما تبقى هناك جماعات لا تلتزم بذلك وتسعى دوماً إلى التوتير.

أسئلة كثيرة، لن يكون من السهل الإجابة عليها في هذه المرحلة، لكن الأحداث المتتالية ستفتح المجال أمام الكثير من التداعيات والإنعكاسات، إلى جانب التخوف الدائم من انفجار أمني أو عسكري أكبر وأوسع، سواءً كان يتصل بالمخيمات الفلسطينيين أو مخيمات اللاجئين السوريين.



الصندوق الائتماني: “بيت مال” الطبقة السياسية الجديدة

بلا مواربة وبموقف كامل الوضوح قالها رئيس التيار الوطني الحرّ جبران باسيل للحزب: “الصندوق الماليّ الائتماني واللامركزية الموسّعة مقابل التنازل عن اسم الرئيس لستّ سنوات”.

هي المفاوضات الأكثر جدّية بين الحزب والتيار الوطني الحرّ في إطار المساعي للوصول إلى تفاهم رئاسي. خلال زيارته الثانية لعين التينة في ختام جولته تبلّغ المبعوث الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان من الرئيس نبيه برّي بأنّ المساعي الداخلية قد تكون منجزة في حلول شهر أيلول. قال برّي للودريان بالحرف: “اذهب واقضِ إجازتك، ولدى عودتك سنكون قد توصّلنا إلى اتفاق إطار يتّصل بالانتخابات الرئاسية”.

في المفاوضات المستمرّة بين الحزب وباسيل، سلّم الأخير ورقة تتضمّن مشروعاً مكتوباً للصندوق الائتماني. هي حكاية لبنانية متجدّدة مع الصناديق. كان الصندوق في الأساس مشروعاً لثلاثة صناديق صبّت في النهاية في صندوق واحد. كانت هذه الصناديق من أساسيات التفاوض بين التيار الوطني الحرّ وتيار المستقبل، وارتكز الاتفاق على انسجام بين الطرفين، وعلى “شبابيّتهما” في مواجهة كلّ الكهلة الآخرين. فكان المشروع بينهما الذي حظي برعاية دولية يقضي بالوصول إلى ما وصلت إليه البلاد على الرغم من سقوط مقوّمات تلك التسوية وانفضاض التحالف.

انهارت التسوية… واستمرّ المشروع

كانت التضحية بكلّ شيء مبرّرة لصالح تلك الاتفاقات. بين عامَي 2018 و2019 توتّرت العلاقات إلى حدود بعيدة بين تيار المستقبل وحلفائه التقليديين، وهو ما دفع وليد جنبلاط إلى إبداء التخوّف من “البنود السرّية” للتسوية الرئاسية. من بين هذه البنود، كانت مشاريع عديدة مثل “إنشاء ثلاث شركات مشابهة لشركة سوليدير” تعمل على إدارة المرافق العامّة والقطاعات المنتجة والمصارف. جزء من هذه المشاريع كان قائماً في نتائج مؤتمر سيدر: شركة تتولّى إدارة المرافئ والمطار والأملاك البحرية والنهريّة، وشركة أخرى تعمل على إعادة هيكلة القطاع المصرفي ودمج مصارف بعضها ببعض وإدخال عناصر مصرفية خارجية، وشركة ثالثة يطلَق عليها اسم الصندوق السيادي لإدارة قطاع النفط والغاز بعد عمليات الاستخراج والتصدير.

انهار التحالف بين الجانبين، على وقع ثورة 17 تشرين. تجمّعت كلّ العناصر المتمّمة للانهيار الذي كانت مؤشّراته واضحة منذ ما قبل التسوية الرئاسية إلى ما بعدها. بسقوط التسوية لم يسقط المشروع، بل استمرّ، وقد جرى تجميله برفع شعارات الثورة ونضالات اللبنانيين للحصول على أموالهم وحقوقهم، فكانت الحرب مع المصارف والمصرف المركزي، وهو ما يصبّ في سياق المشروع، أي تدمير القطاع وإعادة هيكلته، بالإضافة إلى تعميم حالة التحلّل على كلّ القطاعات والإدارات والمؤسّسات في سياق إعادة تركيبها أو هيكلتها.

الصناديق الثلاثة أو الشركات استحالت صندوقاً يسمّى حالياً الصندوق الماليّ الائتماني. وهي عبارة عن إعادة إنتاج سياسة الصناديق، بعد الهجوم على صناديق أخرى مثل مجلس الجنوب، صندوق المهجّرين، ومجلس الإنماء والإعمار. يتضمّن المشروع الجديد أن تتولّى شركة مساهمة إدارة كلّ المرافق العامّة والقطاعات المنتجة في البلاد، بما يشبه نموذج الخصخصة، الذي كانت تتمّ معارضته في السابق من قبل التيار الوطني الحرّ والحزب، في معرض الهجوم على الحريرية. وها هما اليوم يعودان إليها.

في موازاة الحديث عن الصندوق المالي الائتماني، الذي يفترض به أن يوفّر سدّاً للفجوة المالية، وأن تتمّ جدولة إعادة أموال المودعين على مدّة زمنية طويلة نسبياً من الأرباح التي سيحقّقها، تظهر بعض العقبات التي تقف أمامه، ومنها التضارب في الصلاحيّات بينه وبين وزارة المالية. وهي تمثّل التوقيع الرابع بالنسبة إلى الطائفة الشيعية التي أصبحت ممسكة بكلّ القرار الماليّ في البلاد، من وزارة المال، إلى حاكمية المصرف المركزي، والمدّعي العامّ المالي، ورئيس ديوان المحاسبة.

قد تتحوّل وزارة المال إلى خزنة دفع الرواتب والأجور ومصاريف الوزارات والإدارات، فيما سيكون الصندوق الائتماني لما هو أكبر وأبعد من ذلك. وبينما سيبقى الصندوق السيادي مشروعاً قائماً مخصّصاً لإدارة قطاع النفط والغاز، تستمرّ المفاوضات في ماهيّة هذا الصندوق، وسط قناعة لبنانية بأنّ أيّ تسوية عاديّة لا يمكن أن تُنتَج في البلاد من دون الاتفاق على صيغة كاملة متكاملة لآليّة تركيب السلطة وإدارة مواردها. 

هذا الصندوق في الخلاصة هو “بيت المال” لأيّ تسوية مقبلة. تماماً كما كان مصرف لبنان والقطاع المصرفي والودائع هي “بيت المال” الذي استنزفته الحكومات في العقدين الأخيرين. ولن تكون تسوية من دون تأمين “الأموال” اللازمة لبناء هيكل السلطة الجديدة، وآليات “زبائنيتها”.



من المسؤول عن «خطف» مخيم عين الحلوة وهل حان الوقت لتحريره؟

يخطئ من يعتقد أن الحرب المشتعلة التي تحاصر مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين تدور بين حركة «فتح» كبرى الفصائل الفلسطينية في لبنان، ومجموعة تطلق على نفسها اسم «الشباب المسلم»، وأن عناصر تنتمي إليها كانت وراء اغتيال قائد الأمن الوطني الفلسطيني في صيدا العميد أبو أشرف العرموشي في كمين نصبوه له، وأودى بحياة أربعة من مرافقيه؛ لأن اغتياله يفوق قدرتهم على التخطيط للإيقاع به، وأن هناك جهة ما زالت مجهولة الهوية هي من تولت الإيقاع به بعد أن سُدّت أمام موكبه الطرق التي يُفترض أن يمر من خلالها، وأجبرته على سلوك الطريق حيث نصبت له الكمين المسلح.

فاغتيال العرموشي الذي يُعتبر من أبرز القياديين الميدانيين في «فتح»، كما تقول مصادر فلسطينية لـ«الشرق الأوسط»، جاء عن سابق تصور وتصميم، وأن إدراج اسمه على لائحة المستهدفين لم يكن بقرار مما يسمّى بـ«الشباب المسلم»، وإنما بتخطيط من جهات لديها الخبرة الكافية في الإعداد لتنفيذ جرائم من العيار الثقيل، مستفيدة من الأجواء المشحونة التي تسبّب بها مقتل عنصر من «الشباب المسلم» على يد عنصر فتحاوي كان يُفترض بأن يتولى العرموشي تسليمه للسلطات اللبنانية، لكن هناك من أوقعه في كمين مسلح أودى بحياته.

وتلفت المصادر الفلسطينية إلى أن مخيم عين الحلوة بدأ يشكل حالة شاذة بخلاف المخيمات الفلسطينية الأخرى؛ لافتقاده إلى المرجعية القادرة على التدخّل في الوقت المناسب لقطع الطريق على أي إشكال يمكن أن يؤدي إلى توسيع رقعة الاشتباكات من جهة، وإلى ترهل الجسم التنظيمي والعسكري لـ«فتح» الذي كان وراء تزايد نمو المجموعات المتشددة، من جهة أخرى.

وتؤكد هذه المصادر أن مخيم عين الحلوة سرعان ما تحوّل إلى خاصرة رخوة؛ لأنه أصبح رهينة التناقضات في الإقليم الذي تستخدمه لتصفية الحسابات وتوجيه الرسائل في أكثر من اتجاه، إضافة إلى موقعه في جوار صيدا وعلى تخوم الجنوب وما يسبّبه الوضع الأمني المتفلت في ظل انتشار السلاح بداخله؛ من قطع للطرقات، وتهديد للاستقرار في عاصمة الجنوب.

وترى المصادر نفسها أنه لا قدرة لـ«الشباب المسلم» على الدخول في حرب مفتوحة مع «فتح» لو لم يشكل لافتة سياسية تتموضع تحت سقفها مجموعات من مشارب عدة تتشكل منها بقايا «الدواعش» و«جبهة النصرة» وتنظيم «القاعدة» و«جند الشام» بزعامة بلال بدر و«فتح الإسلام»، وآخرين من مؤيدي الشيخ أحمد الأسير المحكوم عليه بالسجن في جريمة الاعتداء على الجيش اللبناني في عبرا.

وتقول إن هناك عشرات السوريين الذين لجأوا إلى عين الحلوة هرباً من الحرب التي دارت في سوريا، وجلّهم من المطلوبين، إضافة إلى أعداد اللبنانيين الذين لاذوا بالفرار إلى المخيم هرباً من ملاحقتهم من قبل القضاء اللبناني لارتكابهم جرائم يعاقب عليها القانون، وآخرين من الشمال لجأوا إلى المخيم هرباً من ملاحقتهم بتهم الإخلال بالأمن والتحريض على الفتنة ومقاومة القوى الأمنية اللبنانية لدى تطبيق الخطة الأمنية في طرابلس.

وتكشف عن أن مطلوبين آخرين تحصّنوا بالمخيم منذ سنوات، بعدما ثبت ضلوعهم في تسهيل نقلهم لأعداد من اللبنانيين والفلسطينيين للالتحاق بـ«داعش» في سوريا، مؤكدة أن عين الحلوة تحول إلى مجموعة من البؤر الأمنية والسياسية لم يعد من الجائز التقليل من خطورتها على المقيمين في المخيم ومدن وبلدات الجوار، وأولها صيدا.

وفي هذا السياق، تؤكد مصادر لبنانية لـ«الشرق الأوسط» أن المجموعات المتشددة غالباً ما تنتشر في الأحياء الخاضعة لسيطرة ونفوذ «عصبة الأنصار» طلباً للحماية، مع أن مؤسسها الملقب بـ«أبو محجن» لا يزال متوارياً عن الأنظار؛ هرباً من ملاحقته في جريمة اغتيال القضاة الأربعة في صيدا، وكان خلفه شقيقه أبو طارق السعدي ثم حلّ مكانه فور وفاته شخص من آل شريدي.

وتسأل المصادر اللبنانية عن الأسباب الكامنة وراء عدم مبادرة «عصبة الأنصار» إلى رفع الغطاء عن أبرز الرموز في المجموعات المتشدّدة التي تقف وراء تهديد الأمن والاستقرار في المخيم. وهل هي مضطرة لتوفير الحماية لهم لاستخدامهم بوصفه واحداً من خطوطها الدفاعية في حال أنها استُهدفت من قبل طرف فلسطيني.

وتؤكد أن مخيم عين الحلوة يصنّف حالياً على لائحة «المخطوفين»، وتحريره من المجموعات المتشددة لن يتم بإصدار البيانات وإطلاق المواقف التي يغلب عليها طابع التنديد والاستنكار، ولا بتسليم المطلوبين بإصرار من لجان التنسيق اللبنانية الفلسطينية، وإنما بات في حاجة إلى اتخاذ تدابير جذرية لأن تدوير الزوايا سيبقي على الحرب مشتعلة.

ويبقى السؤال عن دور الفصائل الفلسطينية المنتمية إلى «منظمة التحرير» أو قوى «التحالف الفلسطيني» المدعومة من سوريا وإيران في لجم المجموعات المتشددة، ومنعها من العبث بأمن المخيم ومدن وبلدات الجوار. وهل هناك من يعيق اندفاعها لتحرير المخيم من «الخطف» ومنع تدحرجه نحو المجهول؟ أم أن لهذه الفصائل أو لمعظمها حسابات إقليمية تحول دون تجاوزها للخطوط الحمر في إنقاذه من قبضة المتطرفين؟

وكل ذلك لا يعفي الدولة اللبنانية من مسؤولياتها، ليس في إطباق السيطرة الأمنية على المخيم، وإنما في التفاتها إلى مقررات مؤتمر الحوار الذي انعقد بدعوة من رئيس المجلس النيابي في مبنى البرلمان في مارس (آذار) 2006، وتقرر فيه سحب السلاح الفلسطيني من خارج المخيمات وتنظيمه بداخلها، وهل من بديل آخر لإعادة عين الحلوة إلى كنف الدولة بذريعة أن الظروف الخارجية لا تسمح بفتح ملف السلاح الفلسطيني؟ وكيف سيكون الوضع مع تجدد الحرب من حين لآخر في المخيم؟